13‏/2‏/2009

التنوع البيولوجي في البحر الأبيض المتوسط

قد لا يشكل البحر الأبيض المتوسط سوى ٠.٧٪ من إجمالي مساحة المحيطات والبحار، إلّا أنّه يضم ٨-٩٪ من التنوع البيولوجي البحري في العالم. بالرغم من صغر حجمه مثلاً، يصل عمق البحر الأبيض المتوسط إلى ٥٠٠٠م في بعض المواقع، وبالتالي تتجاور فيه المياه الدافئة مع المياه الباردة. فتزدهر مختلف أشكال الحياة. بالإضافة إلى الفائدة الإقتصادية الناتجة عن هذه الوفرة فإنّ القيمة الثقافية والعلمية لهذه البيئة لا تقدر بثمن.

يتواجد أكثر من عشرين جنساً من رتبة الحيتان (الحيتان والدلافين وخنازير البحر) في البحر المتوسط الذي يشكل موطناً دائماً لنصف هذا العدد. وتشكل ثمانية من هذه الأجناس التي تنتمي إلى رتبة الحيتان أنواعاً شائعة، وهي تتمثل بحوت الزعنفة Balaenoptera physalus، وحوت العنبر Physeter macrocephalus ، والدلفين المخطط Stenella coeruleoalba، ودلفين ريسو Grampus griseus والحوت القواد طويل الزعنفة Globicephala melas، والدلفين الدقيق الأنف Tursiops truncatus، والدلفين العادي Delphinus delphis، وحوت كوفييه ذي المنقارZiphius cavirostris. وقد أدرج الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة حوت الزعنفة وحوت العنبر على لائحته الحمراء للأجناس المهددة بالانقراض .

تشكل فقمة الراهب المتوسطية monachus Monachus أحد الكائنات المميزة والأكثر تعرضاً للخطر في البحر المتوسط. تعتبر هذه الفقمة الوحيدة المتبقية من فصيلة عجل البحر في البحر المتوسط، وباتت نادرة إلى درجة إدراجها منذ عام ١٩٦٦ على لائحة الكائنات المهددة بالانقراض المعتمدة لدى الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة. وعلى الرغم من الحماية التي توفرها الاتفاقيات ذات الصلة، بما في ذلك معاهدة بيرن، ومعاهدة بون، ومعاهدة الإتجار الدولي بالأنواع المهددة، وتوصية الاتحاد الأوروبي حول المواطن وخطة العمل لإدارة فقمة الراهب المتوسطية، إلا أن تدهور أعدادها لم يتوقف. وفي تقييم الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة للعام ٢٠٠٤، تم إدراجها على لائحة الأجناس المهددة فعلياً بالانقراض، سيّما وأنها تقع عند مستوى واحد فقط دون الانقراض.

يضم المتوسط حالياً ثلاثة أجناس من السلاحف البحرية، اثنان منها من الأجناس المستوطنة (السلحفاة الضخمة الرأس Caretta caretta والسلحفاة الخضراء Chelonia mydas). أما الجنس الثالث، فهو السلحفاة الجلدية الظهر Dermochelys Coriacea وهي نوع زائر من المحيط الأطلسي. تعتبر السلاحف الخضراء المتوسطية جماعة ثانوية منفصلة وهي مدرجة على لائحة الاتحاد الدولي للمحافظة على الطبيعة للأجناس على شفير الانقراض. كذلك السلاحف الجلدية الظهر مشرفة على الانقراض والسلحفاة الضخمة الرأس مهددة بالانقراض. هذا وتعاني السلاحف البحرية في المتوسط من الاستغلال المفرط، وممارسات الصيد، والعمران الساحلي والسياحة والشحن البحري والتلوث.

تعجز مواطن هامة كثيرة في البحر المتوسط عن الصمود في وجه ممارسات الإنسان. فمروج الأعشاب البحرية من نوع “بوسيدونيا” Posidonia oceanica تمثل أماكن ملائمة لوضع البيض والحضانة والغذاء لنظام بيئي متنوع وغني. لكن هذه المروج البحرية تنحسر في أنحاء كثيرة من المتوسط نتيجة للتلوث والعمران الساحلي وممارسات الصيد وغزو الطحالب الاستوائيةCaulerpa Taxifolia.

تتمتع المواطن في أعماق البحر بقيمة كبيرة غير أنها ضعيفة أيضاً. ويقترح تقرير صدر مؤخراً حول مواطن أعماق المتوسط، توصيات من جزئين لحمايتها13. ينص الجزء الأول على حظر احترازي للصيد بجاروفة القاع بدئاً من عمق ١٠٠٠ متر وما دون، وقد اعتمدته اللجنة العامة لمسامك المتوسط في العام ٢٠٠٥. أما الجزء الثاني، فيتعلق بتطوير منظومة من المناطق البحرية المحمية من خلال عدد من المبادرات المتوافقة، بما فيها حملة غرينبيس الحالية للدفاع عن المتوسط.

هناك تعليق واحد: